بنى الباحثون ترانزستورات نانوية و أسلاكاً نانوية ، و هم لا يحتاجون حالياً إلا إلى إيجاد طريقة لجمعهما معاً
هل نحتاج حقاً إلى الاستمرار في صنع دارات أصغر ؟ يبدو أن نمنمة الالكترونيات الميكروية السليكونية ماضية قدماً على نحوٍ يندر معه أن يخطر على بالنا ذلك السؤال ـإلا ربما عندما نشتري حاسوباً جديداً ،إذ ما إن نفعل ذلك حتى نجد أنه صار طرازاً عتيقاً قبل أن نغادر المتجر .يحتوي المعالج الميكروي الحديث على أكثر من 40 مليون ترانزستور ، و قد يحتوي على 5 بلايين منها قبل عام 2015. إلا أن هذا التسارع المثير نحو الأمام سوف يواجه خلال العقدين القادمين قيوداً علمية و تقنية و اقتصادية .و قد تكون ردة الفعل الأولى نحو ذلك أن نتساءل : ما المشكلة في هذا ؟ أليست الخمسة بلايين ترانزستور كافية ؟
و كما توحي الكلمة ،فإن الإلكترونيات المكروية microelectronics تتضمن مكونات تقاس أبعادها بالمكرون الواحد تقريبا ً( على الرغم من أنها تقلصت مؤخراً إلى حجم يقاس بمئة نانومتر ). لكن المضي إلى ما بعد الإلكترونيات المكروية يعني أكثر من مجرد تقليص المكونات بعامل 10 إلى 1000 .و هو يتضمن أيضاً تغيراً أساسياً في الطريقة التي نفكر بها في جمع الأشياء كلها معاً.
إن كلاً من الإلكترونيات المكروية و الإلكترونيات النانوية nanoelectronics تستلزم ثلاثة مستويات من التنظيم . ذلك أن لبنة البناء الأساسية هي عادة الترانزستور أو مكافئه النانوي ـو هو مبدال switch يستطيع فصل التيار و وصله؛إضافة إلى تضخيم الإشارات .ففي الإلكترونيات المكروية ، تصنع الترانزستورات من قطع شبه موصلة ـ و هي مادة ،مثل السليكون غير النقي يمكن تطويعها للقفز بين حالتي التوصيل و عدم التوصيل .أما في الإلكترونيات النانوية ،فيمكن أن تكون الترانزستورات جزيئات عضوية أو بنى غير عضوية شديدة الضآلة .
و المستوى الآخر من التنظيم هو الوصلات البينية ـ أي الأسلاك التي تصل الترانزستورات معاً من أجل القيام بعمليات حسابية أو منطقية .ففي الإلكترونيات المكروية ، تكون الأسلاك عبارة عن وصلات معدنية مرسَّبة على السيليكون ، و يتراوح عرضها عادة بين مئات النانومترات حتى عشرات الميكرومترات . أما في الإلكترونيات النانوية ، فهي أنابيب نانوية أو أسلاك أخرى يقارب عرضها نانومتراً واحداً.
و في المستوى الأعلى ، يوجد ما يسميه المهندسون (البنية)architecture ـ أي الطريقة الشاملة التي بموجبها توصل الترانزستورات معاً على نحو يمكن معه زرع الدارة في حاسوب أو نظام آخر بحيث تعمل بشكل مستقل عن تفاصيل المستوى الأدنى .و لم يتوصل باحثو الإلكترونيات النانوية تماماً إلى نقطة اختبار البنى المختلفة، لكننا نعرف القدرات التي سوف يستطيعون استغلالها و نقاط الضعف التي ينبغي لهم التغلب عليها .
.